التربية والتعليم- بناء العقول والأخلاق في عصر التحديات الرقمية.
المؤلف: إبراهيم إسماعيل كتبي08.10.2025

تشهد المناهج التعليمية تحولًا تدريجيًا ملحوظًا، حيث تبتعد عن أساليب التلقين الجامدة وتنحو نحو تعزيز التفكير النقدي والإبداعي. وتتجلى هذه الخطوات الإصلاحية بوضوح في العديد من المقررات الدراسية المتنوعة. ومع ذلك، يظل من الضروري استمرار هذا التطوير المتواصل وتوسيع نطاقه ليشمل كافة العناصر والمكونات الأساسية للعملية التعليمية والتربوية بأكملها، مع التأكيد على التكامل الوثيق بين دور الأسرة والمجتمع في تنشئة أجيال واعية ومثقفة وقادرة على المساهمة الفعالة في بناء مستقبل مشرق ومزدهر.
إن التربية والتعليم هما الركيزتان الأساسيتان اللتان يقوم عليهما صرح البناء الحضاري. ومن الضروري أن يسير هذان العنصران جنبًا إلى جنب، بتناسق وتناغم، وأن تتكامل أهدافهما المرحلية والاستراتيجية بعيدة المدى، وذلك لأنهما متشابكان وعميقان التأثر بالمتغيرات المتسارعة التي يشهدها العصر الحديث. لذلك، يجب أن تكون التربية عملية ديناميكية وحيوية، تنطوي على مفهوم قيمي وأخلاقي وعقلي راسخ، يتم غرسه من خلال القدوة الحسنة والتطبيق العملي والتقويم المستمر في نطاق الأسرة. فلا قيمة للتربية دون وعي وإدراك والتزام جاد وعمل دؤوب ومثمر. وإذا ما تركنا مهمة البناء العقلي والتربوي للتعليم وحده، فإننا نكون كمن يمشي بقدم واحدة. ولا يمكن إغفال الدور المحوري للإعلام، الذي يعتبر مرآة عاكسة وشريكًا أصيلًا في هذه العملية، بل هو قاطرة سريعة وحاسمة للتغيير الإيجابي المنشود، وكذلك الدعوة الرشيدة إذا ما أحسن استثمارها بالشكل الأمثل.
يواجه المجتمع تحديات جسامًا تستهدف مقوماته الأساسية، وأخطرها ثورة التقنية الهائلة ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي الافتراضية التي كشفت عن نقاط ضعف وثغرات عميقة في نسيج البناء المجتمعي ودور مؤسساته المختلفة. فبدلًا من استثمار هذه التقنيات في ترسيخ وتعزيز الحوار البناء والهادف حول قضايا الوطن والمجتمع، وإثراء معارف الفرد وتوسيع آفاقه في هذا العالم الافتراضي الرحب، نجد أن الكثيرين قد تحولوا من الفاعلية الإيجابية إلى الانفعال السلبي المفرط والمثبط للهمم، وإثارة النزاعات والخلافات وتبادل الألفاظ المسيئة والتجاوزات التي تصل إلى حدود المحرمات، من تجسس وغيبة ونميمة وانفعال بمفردات الكراهية والتحريض.
في عصر الثورة التقنية والتواصل الافتراضي، طغى الكلام على العمل، وأصبح السهر أطول من النوم، وتغلب القلق على الراحة وسلب هدوء البال، وضاعت قيمة الوقت وتلاشت الأولويات، واختلط الجد بالهزل والمفيد بالعبثي، وضعف الحياء وتفاقم الجهر بالسوء بعد أن أصبح مدعاة للتسلية والترفيه، وتكاثرت جرائم الإنترنت بمختلف أشكالها وأنواعها، وتصدعت الروابط الأسرية والاجتماعية في مختلف أنحاء العالم، وتراكم الصدأ على النفوس والقلوب نتيجة الانشغال بتوافه الأمور.
إن الأجيال الجديدة، للأسف الشديد، تعيش هذا الواقع المرير في ظل تشوه أخلاقي متزايد، حيث تعج وسائل الإعلام بالصورة والصوت المسيئين، وتنتشر الشائعات والأخبار الكاذبة بدلًا من الحقائق والمعلومات الموثقة. والأكثر صعوبة وإيلامًا هو تحويل كل شيء إلى سلعة تجارية، بحيث أصبح لكل شيء ثمن ومقابل. ويا ليت علماء الاجتماع والنفس يسمع لنا صوتهم، ونرى لهم حضورًا فاعلًا من خلال الكلمة الهادفة والرأي السديد والتحليل العميق لتشريح هذا التحول الخطير الذي جعل كل شيء بمثابة سلعة تخضع لقانون العرض والطلب. ومن مظاهر هذا التحول، اتساع الفهم المجتمعي الخاطئ بأن التعليم هو مجرد وسيلة مستقبلية لتحقيق الدخل المادي، وليس قيمة بناء متكامل للإنسان. بالإضافة إلى ذلك، نجد أن بعض المشاريع التعليمية الأهلية تستهدف الربح المادي أكثر مما تقدمه من خدمة تعليمية حقيقية، وأن العديد من الأبحاث العلمية ما هي إلا وسيلة للترقية الوظيفية. وقد ضاعت قيمة القراءة والمعرفة النافعة لتحل محلها صور ومشاهد إلكترونية تافهة وساقطة تضحك بدلًا من أن تؤلم وتدفعنا إلى تغيير ما بأنفسنا نحو الأفضل.
أعود وأكرر القول: إن كل هذا يهدم فينا أشياء جميلة، وتغوص فيه الأجيال دون تفكر وتدبر في آيات الله وعظيم خلقه، وأعظم التدبر يكون في القرآن الكريم. فبدلًا من أن نتمسك ببناء العقل وتنمية التفكير وتعزيز العلم والعمل به، نعود مرة أخرى إلى النقل والتقليد الأعمى، ولكن هذه المرة من الشبكة العنكبوتية. ونتهاون في الأخلاق والقيم النبيلة، ونسيء إلى التربية بصور شتى لا سقف لها ولا حدود ولا هدف، دون أن ندرك أو نحسب حسابًا للوقاية من خطورة التحولات الناعمة التي تحدث بأيدينا لا بيد الآخرين.
إن العالم المتقدم، بكل ما له وما عليه من إيجابيات وسلبيات، ينتج تقنيات حديثة لخدمة البشرية في شتى المجالات. ووطننا الغالي يتسم بالطموح والجدية في التطوير والتحديث. وديننا الإسلامي الحنيف هو منهاج حياة شامل يقوم على العلم والعمل والأخلاق الفاضلة. وعلى الرغم من أن المسجد هو المنبر الأول لنشر تعاليم الدين من الناحية الشرعية، إلا أن التطبيق والتحصين والبناء مسؤولية تقع على عاتق الجميع، لكي نسرع الخطى في المسار الحضاري الذي تستحقه بلادنا وأجيالنا القادمة.
إن التربية والتعليم هما الركيزتان الأساسيتان اللتان يقوم عليهما صرح البناء الحضاري. ومن الضروري أن يسير هذان العنصران جنبًا إلى جنب، بتناسق وتناغم، وأن تتكامل أهدافهما المرحلية والاستراتيجية بعيدة المدى، وذلك لأنهما متشابكان وعميقان التأثر بالمتغيرات المتسارعة التي يشهدها العصر الحديث. لذلك، يجب أن تكون التربية عملية ديناميكية وحيوية، تنطوي على مفهوم قيمي وأخلاقي وعقلي راسخ، يتم غرسه من خلال القدوة الحسنة والتطبيق العملي والتقويم المستمر في نطاق الأسرة. فلا قيمة للتربية دون وعي وإدراك والتزام جاد وعمل دؤوب ومثمر. وإذا ما تركنا مهمة البناء العقلي والتربوي للتعليم وحده، فإننا نكون كمن يمشي بقدم واحدة. ولا يمكن إغفال الدور المحوري للإعلام، الذي يعتبر مرآة عاكسة وشريكًا أصيلًا في هذه العملية، بل هو قاطرة سريعة وحاسمة للتغيير الإيجابي المنشود، وكذلك الدعوة الرشيدة إذا ما أحسن استثمارها بالشكل الأمثل.
يواجه المجتمع تحديات جسامًا تستهدف مقوماته الأساسية، وأخطرها ثورة التقنية الهائلة ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي الافتراضية التي كشفت عن نقاط ضعف وثغرات عميقة في نسيج البناء المجتمعي ودور مؤسساته المختلفة. فبدلًا من استثمار هذه التقنيات في ترسيخ وتعزيز الحوار البناء والهادف حول قضايا الوطن والمجتمع، وإثراء معارف الفرد وتوسيع آفاقه في هذا العالم الافتراضي الرحب، نجد أن الكثيرين قد تحولوا من الفاعلية الإيجابية إلى الانفعال السلبي المفرط والمثبط للهمم، وإثارة النزاعات والخلافات وتبادل الألفاظ المسيئة والتجاوزات التي تصل إلى حدود المحرمات، من تجسس وغيبة ونميمة وانفعال بمفردات الكراهية والتحريض.
في عصر الثورة التقنية والتواصل الافتراضي، طغى الكلام على العمل، وأصبح السهر أطول من النوم، وتغلب القلق على الراحة وسلب هدوء البال، وضاعت قيمة الوقت وتلاشت الأولويات، واختلط الجد بالهزل والمفيد بالعبثي، وضعف الحياء وتفاقم الجهر بالسوء بعد أن أصبح مدعاة للتسلية والترفيه، وتكاثرت جرائم الإنترنت بمختلف أشكالها وأنواعها، وتصدعت الروابط الأسرية والاجتماعية في مختلف أنحاء العالم، وتراكم الصدأ على النفوس والقلوب نتيجة الانشغال بتوافه الأمور.
إن الأجيال الجديدة، للأسف الشديد، تعيش هذا الواقع المرير في ظل تشوه أخلاقي متزايد، حيث تعج وسائل الإعلام بالصورة والصوت المسيئين، وتنتشر الشائعات والأخبار الكاذبة بدلًا من الحقائق والمعلومات الموثقة. والأكثر صعوبة وإيلامًا هو تحويل كل شيء إلى سلعة تجارية، بحيث أصبح لكل شيء ثمن ومقابل. ويا ليت علماء الاجتماع والنفس يسمع لنا صوتهم، ونرى لهم حضورًا فاعلًا من خلال الكلمة الهادفة والرأي السديد والتحليل العميق لتشريح هذا التحول الخطير الذي جعل كل شيء بمثابة سلعة تخضع لقانون العرض والطلب. ومن مظاهر هذا التحول، اتساع الفهم المجتمعي الخاطئ بأن التعليم هو مجرد وسيلة مستقبلية لتحقيق الدخل المادي، وليس قيمة بناء متكامل للإنسان. بالإضافة إلى ذلك، نجد أن بعض المشاريع التعليمية الأهلية تستهدف الربح المادي أكثر مما تقدمه من خدمة تعليمية حقيقية، وأن العديد من الأبحاث العلمية ما هي إلا وسيلة للترقية الوظيفية. وقد ضاعت قيمة القراءة والمعرفة النافعة لتحل محلها صور ومشاهد إلكترونية تافهة وساقطة تضحك بدلًا من أن تؤلم وتدفعنا إلى تغيير ما بأنفسنا نحو الأفضل.
أعود وأكرر القول: إن كل هذا يهدم فينا أشياء جميلة، وتغوص فيه الأجيال دون تفكر وتدبر في آيات الله وعظيم خلقه، وأعظم التدبر يكون في القرآن الكريم. فبدلًا من أن نتمسك ببناء العقل وتنمية التفكير وتعزيز العلم والعمل به، نعود مرة أخرى إلى النقل والتقليد الأعمى، ولكن هذه المرة من الشبكة العنكبوتية. ونتهاون في الأخلاق والقيم النبيلة، ونسيء إلى التربية بصور شتى لا سقف لها ولا حدود ولا هدف، دون أن ندرك أو نحسب حسابًا للوقاية من خطورة التحولات الناعمة التي تحدث بأيدينا لا بيد الآخرين.
إن العالم المتقدم، بكل ما له وما عليه من إيجابيات وسلبيات، ينتج تقنيات حديثة لخدمة البشرية في شتى المجالات. ووطننا الغالي يتسم بالطموح والجدية في التطوير والتحديث. وديننا الإسلامي الحنيف هو منهاج حياة شامل يقوم على العلم والعمل والأخلاق الفاضلة. وعلى الرغم من أن المسجد هو المنبر الأول لنشر تعاليم الدين من الناحية الشرعية، إلا أن التطبيق والتحصين والبناء مسؤولية تقع على عاتق الجميع، لكي نسرع الخطى في المسار الحضاري الذي تستحقه بلادنا وأجيالنا القادمة.